الصفحة الرسمية للشيخ أبي بصير الطرطوسي
3.71K subscribers
1.27K photos
57 videos
126 files
521 links
الصفحة الرسمية للشيخ عبد المنعم مصطفى حليمة
كاتب وباحث
Download Telegram
[ قُلْ ]؛ يا محمَّد، مُنادياً، [ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ]؛ خطابٌ موجَّهٌ لجميعِ الناسِ من دُونِ استثناءٍ لأحَدٍ مِنهم؛ على اختلافِ ألوانِهم، وأجنَاسِهم، ولغَاتِهم، وأوطانِهم، وملَلِهم .. نداءٌ لا يخصُّ زَمَناً دُونَ زَمَنٍ .. ولَا مَكاناً دُون مَكانٍ .. وإلى يومِ القِيامَةِ، [ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ ]؛ أرسلني اللهُ برسالَةِ الإسلامِ، [ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ]الأعراف:158. وإني أدعوكُم جميعاً للإيمانِ بي، وبما جئتُ به من عندِ الله .. فلا يَصدنَّكُم عن الإيمانِ بي، وعن مُتابَعتي انتماءٌ لقومٍ، أو لغةٍ، أو لونٍ، أو وطَنٍ .. فأنا رسولُ اللهِ إليكم جميعاً .. ولَا يَسعُكم إلا طاعَتي ومتَابَعتي.
أمُورٌ تُزيدُ المودّّةَ والمحبَّةَ: التَّهَادِي .. وإفشَاءُ السَّلامِ .. والمصَافَحةُ .. وأن تَلْقَى أخاكَ بوجْهٍ طَلْقٍ .. وأن تَزُورَه غِبَّاً!
الخطَأ ـ وبخاصَّة إن لاقَى استحسَاناً مِن صَاحِبِه ـ لا يَقتَصِرُ على نَفْسِه؛ يَظَلُّ يَضغَطُ على صاحِبِه حتَّى يحملَهُ ويَدلَّه على خَطَأ آخَر .. والخَطأُ الآخَر يَدلُّه على خَطَأ آخَر .. إلى أن يَتَّسِعَ الخَرْقُ والرَّقْعُ، ويَصعُبَ الرجُوعُ، والاستِدْرَاكُ .. ولَا يَسلَمُ إلَّا مَن سَلَّمَه اللهُ!
مهَارَاتٌ، وقِيَمٌ حضَارِيَّة هامّة، يَنبغي أن تُدَرَّس في المدَارِسِ والمعَاهِدِ، كما تُدَرَّس موَاد العلُوم الأخْرَى، مِنها: احترامُ الوَقْت .. واحترامُ الآخَرين .. احترامُ العُهُودِ والوعُود .. مهَارَاتُ التَّواصُل .. أدَبُ التَّخَاطُبِ والحِوَار .. حُسنُ الإصْغَاءِ .. إنصَافُ الحَقِّ .. التَّفكيرُ العَمِيقِ الإيجَابي .. التَّأمُّلُ، والتَّدَبُّر، والتَّفَكُّر .. أهميَّةُ النِّظَامِ، والتَّنظِيم، والنَّظافَة .. مهارَاتُ العَمَل الجمَاعِي .. اتْقَانُ العَمَلِ .. العَمَلُ البَحْثِي .. البَحْثُ التَّجرِيبِي .. القِراءةُ الواعيَةُ والمرَشَّدَة .. تَعزيزُ علُو الهِمَّةِ والإرَادَةِ .. قيمةُ تحدِيدِ ورَسمِ الأهدَافِ .. مهارَاتُ التَّحلِيلِ .. الحريَّةُ المسؤولَةُ .. الشُّورَى .. الصِّدقُ .. الصَّبْرُ .. انتهِاجُ الرِّفْقِ في الأمُورِ كُلِّها .. فعجَلةُ التَّقَدُّمِ، والتطوّرِ، والازدِهَارِ مُرتبطَةٌ ارتباطاً وثِيقاً بهذه المفاهِيم والقِيَم الحضَارِيَّة؛ تُوجَدُ بوجُودِها، وتَنتفِي بانتفَائِها.
[ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ ]؛ كلُّ الذين كفَرُوا؛ عبر تاريخِهم كُلِّه؛ القديم والمعاصِر مِنه، [ لِرُسُلِهِمْ ]؛ قالوا لجميعِ الأنبياءِ والرسلِ؛ مِن لَدُن نُوحٍ عليه السلام إلى عهدِ نبيِّنا محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، ولأتباعِهم المؤمنِين، [ لَنُخْرِجَنَّـكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ]؛ هذا النهجُ في تعاملِ الكافرين معَ المؤمنِين؛ أتباع الأنبياءِ والمرسلِين، قَديمٌ جَديدٌ، فما دَامَت الشوكَةُ والقوةُ للكافِرين، فليسَ عندهم للمؤمنِين إلا هذين الخيارَين: العودَةُ إلى الكفرِ، وعِبادَةُ الطَّاغُوت، بعد الإيمانِ، أو الطَّرد والإخراج من الأرضِ والدِّيارِ، ليتيهوا في الأرضِ، ويَفترشُوا لأنفُسِهم مخيمَات التِّيه والذُّلِّ والعَذَابِ، [ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ ]إبراهيم:13. عندما يتمسَّك المسلمُون بدينِهم، ويَعتَصِمون بحبلِ اللهِ جميعاً، ويأخذُون بأسبَابِ القوَّةِ قَدْرَ استطاعَتِهم .. فإن العاقِبةَ والغلَبَةَ ـ مهمَا طالَ الصِّراعُ بين الحقِّ والباطلِ ـ للمؤمنِين.
[ أَنِ اشْكُرْ لِي ]؛ اشكُرْ للهِ الذي خَلَقَك، وأوجَدَك، [ وَلِوَالِدَيْكَ ]لقمان:14. اللَّذَان كانَا سَبَباً في وجُودِك .. ومَن لَا يَشكُرُ الوالِدَين لَا يَشكُر اللهَ .. ومَن لَا يَشكر السَّبَبَ، لَا يَشكُر المسَبِّبَ!
النَّسَويَّةُ وعُقُوقُ الآبَاءِ

أكثر الحركات والتَّوجهات المعاصرة عقُوقاً وظلماً للآباء " الحركة النَّسَويَّة "؛ التي ترى في الآباء طُغاةً وطواغيت، يجب التحرر منهم، ومن سلطتهم، ومن ولايتهم، والرجوع إليهم، ومن دورهم الهام في بناء وتكوين الأسرة والمجتمع .. ويتم ذلك تحت عنوان وزعم مسميات عدة: التحرر من السلطة الأبوية .. والهيمنة الأبوية .. والثقافة الأبوية .. والمجتمع الأبوي .. والنظام الأبوي .. والولاية الأبوية .. وغيرها من الاطلاقات التي تفيد، وتؤدي إلى التَّمرد، والتَّنمر على الأباء، وتجاهلهم، وتغييب دورهم .. والدوس على حقوقهم .. على اعتبار أن الآباء هم سبب قهر، وظلم، وحرمان النساء .. وبالتالي التَّعالي والتَّنمر على المرجعيّة الإسلامية التي تعزز مكانة ودور، وحقوق الآباء؟!
الظلم لا ينتمي إلى جنس مُعَيَّن دون جنس آخَر .. ولا يقتصر على شريحة من المجتمع دون شريحة أُخرى؛ فكما أن الظلم ممكن أن يصدر عن الآباء والرجال، ممكن أن يصدر أيضاً عن النساء والأمهات .. وعن الأبناء والبنات .. والواجب حينئذٍ ـ الذي يُوجبه النَّقل والعقل ـ أن يُنكَر الظلم .. وأن يُرفض ويرد من أي طرف أو جهة جاء .. لا أن نحارب ونَستعدي جنس الرجال، والنساء .. والأبناء والبنات .. ونتعامل معهم كأعداء، ونظلمهم حقوقهم؛ لكون أن بعضاً منهم قد وقع في الظلمِ والخطأ .. فالظلم لا يُقابَل بظلم .. ولا يُرَدُّ ولا يُزال بما هو أظلم منه .. كما تفعل الحركة النسوية المعاصرة بزعم رد الظلم الواقع على المرأة؛ كلمة حق أرادوا بها باطلاً .. أرادوا بها ظلم المرأة ذاتها، وظلم الأسرة، والمجتمع .. وحرمان المرأة من دفء العائلة .. أرادوا منها حمل المرأة المسلمة على أن تسير على نهج وخُطا المرأة الغربية الليبرالية المتفَلِّتة من قيود القيم والأخلاق، والدِّين .. والتي لا تُراعي ولا تعرف حقَّاً للآباء .. والتي قد تحترم مديرها في العمل أكثر مما تحترم أباها، وزوجها .. وهذا كله في النهاية ينعكس سلباً على تماسك الأسرة، وترابطها، وعلى سلوك وأخلاق الأبناء والأطفال .. وعلى سلامة المجتمع الإنساني الكبير!
3/2/2025
أي تأخير في محاسبة قسد وقادتها الإرهابيين المجرمين؛ يعني تكرار مثل هذه الجرائم بحق المدنيين السوريين ....!
[ يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ ]الأعراف:27. سياسَةُ ونهجُ إخرَاجِ المؤمنين مِن أرضِهم، ومَسكَنِهم سياسَةٌ شيطَانيَّة قَديمة؛ انتهجَهَا إبليسُ اللَّعين معَ آدَم عليه السلام لما أخرَجَه بكيدِه وحسَدِه مِن الجنَّةِ .. واتبعَه على هذا النهجِ أتباعُه من الكافِرين لما أخرَجُوا الأنبياءَ والرسلَ وأتباعَهم المؤمنين مِن أرضِهم، وخيرُوهم بين أن يتركُوا الإيمانَ ويَعودُوا إلى الكُفرِ، وعبادَةِ الطَّاغُوت، أو يخرجُوا من أرضِهم، ومساكنِهم .. إلى حَيثُ التِّيه في الأرضِ، وافتراشِ مخيماتِ الضَّيَاعِ والذُّلِّ .. فهذا النهجُ في التَّخيير بين الإخراجِ من الأرضِ، وبين أن يعودُوا في مِلَّتِهم، نهجٌ إبليسيٌّ قَدِيمٌ، يجدِّدُه المجدِّدُون من أتباعِ إبلِيس!
شمُولِيَّةُ القُرآنِ الكَرِيم

مِن إعجازِ القُرآنِ الكَريم، وعظَمَتِه، وشموليَّتِه لجميعِ جوانبِ الحياةِ، وجميعِ حركةِ الإنسانِ، في كلِّ زمَانٍ، ومكَانٍ .. أنه لم يتَناوَل الحديثَ عن حَدَثٍ قد انتَهى في زمَانِه القَدِيم، لا يُمكنُ الاستفَادَةُ مِنه، والقِياسُ عليه في حوادث مماثِلةٍ، ومشَابهةٍ تحصَلُ في الأزمنَةِ التَّاليةِ لنزُولِ القُرآنِ الكريم .. لا توجدُ آيةٌ قَط تَستطيعُ أن تقولَ أن الفائدةَ مِنها انتهَت في زمَانِ ومكانِ نزُولِها .. لَا تُوجَد آيةٌ قَط تَستطيع أن تقولَ أن عطَاءَها قد انتَهى أو تَوقَّفَ، لا فائدَة مِنها .. بل تجدُ القُرآنَ الكريم حاضِراً معَك، يَعيشُ واقِعَك، وحيَاتك، وكلِّ ما يحصَل لك، في أيِّ زمَانٍ، أو مَكانٍ تَكونُ فيه .. فمَا مِن حدَثٍ يَقَعُ لك، إلَّا وتجد في القُرآنِ الكَريم آيةً تحدِّثُك عمَّا قد وقعَ لك، وتُبين لك وجهَ الصَّوابِ مِن الخَطأ فِيما أنت فِيه .. وتبين لك كيفَ يَنبَغي عليك أن تتَعامَلَ معَ الحدَث الذي تُعايشُه، وكيفَ الخلاصُ، والمخرجُ مِنه .. وكأنَّه يتنزَّلُ عليك السَّاعَة، ويَعنيك بشخصِك، واسمِك، ويَعني الحدَث أو القصَّة التي تَعيشها، وتُكابِدها، والتي قد حصلَت لك .. ويَهديك بشخْصِك إلى ما يجبُ عليك فعلُه، وما يجبُ عليك تَركُه، والابتعادُ عنه .. سواء كنت فرداً، أو جماعَةً، أو دولةً .. رغم جَانِبِ الثَّبَاتِ فِيه فإنَّ معَانِيه ومَرَامِيه تَتجدَّد معَ تَجدُّدِ الوقَائِع، والأحدَاثِ .. فهو قُرآنٌ يمشي معَك في حيَاتِك وواقعِك .. وهذا مَعنى لطِيف، وجميل، وعَظِيم، يُدركُه المرءُ كلما تعمَّقَ أكثَر في دراسَةِ وفَهم القُرآنِ الكريم، وفَهم دَلَالاتِ ومَعَاني آيَاتِه!
مقالات دفتر الثورة والثوار

المقالات ذات العلاقة بالثورة السورية، وما يمت إليها بصلة، قد زادت ـ بفضل الله وعونه وتوفيقه ـ عن أكثر من " 2135 " مقالة، قد جُمعَت في ثلاثة أجزاء، من كتاب " دفتر الثورة والثوار "، وهي مقالات واكبَت أحداث الثورة السورية منذ اليوم الأول للثورة .. تفَاعَلَت مع أحداث الثورة، ومع تجاذباتها، صعوداً، وهبوطاً .. نُصحاً، وتوجيهاً، ونقداً .. أرَّخت للثورة تأريخاً فكرياً، وحركياً، وسياسياً .. وبعد مضي أكثر من " 13 " ثلاثة عشر عاماً على الثورة .. وبعد انتصارها ـ بفضل الله ومنته ـ وسقوط النظام الأسدي الطائفي المجرم .. يجدر التنبيه إلى أمر هام، ألا وهو: أن كل مقالة كُتبت فهي تُناسب زمانها ومكانها .. وأن ما كُتب في السنة الأولى من الثورة، يُناسب أحداث السنة التي كُتبت فيها تلك المقالات .. ولكل سنة كانت أحداثها، وكانت مقالاتها التي تُناسبها .. فلا تُحمل مقالات السنة الأولى على أحداث السنة الثانية، أو الثالثة، أو العاشرة .. وهذا لا يعني تراجعي عمَّا كَتبت .. لا .. ولو عاد بي الزمن إلى الوراء، ووقعت نفس الأحداث، لقلت نفس كلماتي التي قلتها من قبل، ولما زدت عليها ولا أنقصت .. وإنما الذي أريد قوله وإيصاله للقارئ الكريم أن ما قلته وكتبته في السنة الأولى من الثورة لا يلزمني بالضرورة أن أقوله في السنة الأخيرة من الثورة، وما بعد انتصار الثورة .. فهذا إلزام لا يقول به نقل ولا عقل .. فالأحداث، والمواقف كما تتجدد وتتغير، تتجدد معها المقالات والكلمات التي تناسبها، صعوداً وهبوطاً، نقداً، ونصحاً، ذماً، ومدحاً .. فاليوم شخص مَا يُسيء، نقول له: أسأتَ .. غداً يُحسن، فنقول له: أحسنتَ، وهذا ليس من التعارض والتناقض في شيء، كما يفهم البعض؛ إذ لكل وصف له حكمه الذي يُناسبه .. وبالتالي لا أقبل ممن ضاق به فهمه أن يقول لي: قد قلت أول الثورة كذا .. لماذا لم تكرره، وتُعيد قوله في آخر أيام الثورة .. أو لماذا تقول خلافه .. هذا سؤال لا ينبغي أن يُسأَل .. ولمن يَسأله، فقد تقدم الجواب عنه أعلاه!
4/2/2025
[ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ]القلم:48. الكَوْنِي؛ فَلَا تَستَعجِلْ شَيئاً قبلَ أوانِه؛ تَشعُر أنَّ اللهَ تَعَالى يَدفَعُه عَنك، ويُبعِدُك عنه؛ لحكمةٍ يَعلَمُها، ولَا تَعْلَمُهَا .. واصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ الشَّرْعِي؛ فلَا يَصُدَّنَّك الكافِرُون والمنَافِقُون عنِ الصَّدْعِ، والعَمَلِ بِه!
[ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ ]؛ يقُولُ بلسَانِه، ولم يتمكَّن الإيمانُ في قَلبِه .. بدَلِيل؛[ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ ]؛ فإذَا تَعَرَّضَ لأدنَى أذَى أو تَعذيب مِن الكافِرِين، سِرعَان مَا يَرتد عن دينِه، ويُطاوعُهم فِيما يُريدُون مِنه، [ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ ]؛ جعَلَ عذَابَ وأذَى الكافِرين له، [ كَعَذَابِ اللَّهِ ]؛ يومَ القِيامَةِ؛ وهذا لسوءِ اعتقادِه، وضَعفِ إيمانِه .. فعذابُ اللهِ ليسَ كمِثله عذَاب، [ وَلَئِن جَاء نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ ]؛ وَلَئِن دارَت الدائرةُ على الكافِرين، ونَصرَ اللهُ المؤمنِين على الكافِرين، [ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ ]؛ سرعَان مَا " بكَوِّع "، ويتنَكَّر لماضِيه، ولجرائِمه، ولنصرتِه للكافرِين الظالمِين على المؤمنِين .. ويَدَّعي كذِباً أنه كان مؤمِناً، ومعَ المؤمنِين، عسَى أن يُشاركَهم بعضَ غنَائمِ ومكتَسبَات النَّصْر، [ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ ]العنكبوت:10. واللهُ يعلمُ حقيقَةَ ما وقَرَ في الصُّدُور، ويَعلمُ الكاذبَ مِن الصَّادقِ، والكافرَ المنافقَ مِن المؤمن الصَّادِقِ .. وهذا المنَافقُ المتَذَبذِبُ " المكوِّع " إن خَفي حالُه عن عبادِ اللهِ، فهل يَستطيعُ أن يخفي حقيقَتَه، ومَا يُضمر في قلبِه عن اللهِ؟!
[ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ ]؛ يُرخِين ويُقَرِّبْن، [ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ]؛ على وجوهِهِن؛ بحيث يُغطي الحاجِبَين .. ومن السلف مَن قال: يُغطِّي جميعَ الوجه باستثناءِ العَينَين .. فالإدناءُ أمرٌ زائدٌ على مجرَّدِ غِطاءِ الرأسِ، والشَّعرِ، [ ذَلِكَ أَدْنَى ]؛ أقرَبُ، وأرجَى [ أَن يُعْرَفْنَ ]؛ لأن يُعرفْنَ بأنهنَّ حرائر من لباسِهن السَّاتِر، فلا يتجرَّأ عليهن الفسَّاقُ؛ كما يتجرَّأوا على الإماءِ المملوكَات؛ عند خروجِهن للخدمَةِ، وتَعرضهنَّ لشيءٍ من التَّكشُّفِ بسببِ الخدمَةِ، [ فَلَا يُؤْذَيْنَ ]؛ فإذا عُرِفْنَ أنهنَّ حرائر، وتمايَزْن بحجابهنَّ الكامِل عن الإماءِ المملُوكات .. فلا يتجرَّأ على اعتراضِهن أو التَّحرشِ بهنَّ فاسقٌ أو منافقٌ؛ لعلمِه بالعَواقِب الأليمةِ لمن يتعرَّض لهنَّ .. فإن قِيل: ولكن اليومَ لا يُوجَد إمَاءٌ مملوكات .. أقول: ولكن يوجدُ فاسِقاتٌ، متبرِّجات، وكاسياتُ عارِيَات، وهنَّ السَّوادُ الأعظَم من النِّساءِ في هذا الزمانِ وللأسَف، وفي المقابلِ يوجَدُ جيوش مِن الفسَّاقِ والعُصَاةِ .. ولَا بُدَّ للمسلمةِ الحرَّةِ مِن أن تتميَّز عن الفاسقات بحجابِها الساتِر الذي يَعصِمُها من نفسِها أن تتجرَّأ على مواطنِ الزَّلَلِ والسُّوءِ، ويَعصِمُها من تَعدِّي الفاسِقين عليها؛ لعلمِهم أنَّها كمسلمةٍ محجَّبةٍ لا تقبلُ الخضُوعَ والتَّحرشَ كغيرِها من الفاسِقاتِ المتبرِّجات .. فإذا استوَت معهُنَّ في التبرجِ، تجرَّأ عليها الفسَّاقُ كما يتجرأون على غيرِها من المتبرِّجات، وتعرَّضَت للأذَى كما يتعرَّضن، [ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ]الأحزاب:59. لمن كانت تخرجُ لحاجَتِها مِن دون أن تُدني وتُرخي جلبابها على وجهِها، قبل نزولِ الأمرِ بالإدْناءِ .. ولعدَمِ علمها بالحكمِ الشَّرعِي .. أما بعد نزُول الأمرِ بالإدناءِ، وعلمهنَّ بالحكم الشَّرعي، فإنهنَّ لا يُعذَرْنَ لو خرجنَ من دونِ أن يُدنِين عليهن من جلابيبهنَّ .. تقولُ أمُّ المؤمنين أمُّ سلمة رضي الله عنها:" لما نزَلت: يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ خرجَ نساءُ الأنصارِ كأنَّ علَى رؤوسِهِنَّ الغِربانَ منَ الأَكْسِيَةِ ". وإذا كان هذا الأمرُ بالإدناءِ يَتنزل على نساءِ يَعِشْن في أطهَرِ وأشرَف بقعةٍ في الأرضِ، وأطهَرِ وأشرَفِ مجتمعٍ إنسانيٍّ عرَفَته، وتَعرفهُ البشريَّةُ جمعَاء وإلى يومِ القِيامَةِ؛ إنها المدينةُ المنوَّرة، وإنه مجتمعُ المدينة المنوَّرة في عهدِ النبي صلى الله عليه وسلم، وعهدِ أصحابِه الكِرام رضي الله عنهم أجمعين .. فمن بابِ أَولَى أن يشتدَّ الالتزامُ بهذا الحكمِ الشَّرعي المنزَّل في بلدانٍ ومجتمعَاتٍ تَشيعُ فيها الفواحِشُ والمنكرَات، ويكثرُ فيها الفسَّاقُ والفجَّارُ، والتَّعرضُ والتحرشُ بالنِّساءِ .. بل كثير من المجتمعاتِ والعواصِم الغربيَّة وغيرُها لا تَكاد تجد امرأةً تَسلم من التَّحرش والأذَى .. ففي إحدَى الاستطلاعات الموثَّقة تَذكر أن نصفَ النساءِ العامِلات في بريطانيا قد تَعرَّضْن للتحرشِ والأذَى .. ويُقَال أيضاً: مَن الذي يَعرف طبَائعَ وأخلاقَ الناسِ، وما يناسبهم، والأذَى الذي يمكنُ أن يصدرُ منهم، أو يتعرَّضُوا له .. والظروف التي تحملُهم على الأذَى .. ومَن الذي يعرف مَا يناسِبُ المرأةَ، وما لا يُناسبها .. ليُقرِّر فِيما بعد أن هذه المدينَةِ أو هذا المجتمع، أو هذا الزَّمان يحصلُ فيه أذَى دُون غَيره مِن المجتمعات، والأزمنةِ .. اللهُ أم الإنسانُ .. أم النَّسَويَّات المتمَرِّدَات والمتنمِّرَات على الحجابِ، وعلى حدُودِ الله؟!
[ وَمَا كَانَ مَعَهُ ]؛ ليسَ معَ اللهِ، [ مِنْ إِلَهٍ ]؛ يُشاركُه الخلْقَ، والملْكَ، ويَستحقُّ أن يُعبَد مِن دُونِ اللهِ .. ولو كان هذا الإله الشَّريك موجُوداً حَقَّاً، [ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ ]؛ لانفردَ في الملْكِ والتصرفِ كلُّ إله بما خلَقَ عمَّا يخلقُه ويملكُه الإلهُ الآخَر، ولتَقاسَموا الكَونَ فِيما بينهم، [ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ]؛ ولحصَلَ التنافُسُ والصِّراعُ، والتَّدافعُ فِيما بينَهم، وحاوَلَ كلُّ إلهٍ أن يَغلبَ الإلهَ الآخَر على ما يملِك، وما قَد خَلَق .. شأنُهم في ذلك شأن ملُوكِ الأرضِ .. ولاضطرَبَ الكونُ، وفسَدَ، وعُدِمَ الاستقرارُ .. فحربُ الآلهة فِيما بينَهم ليسَ كحربِ العَبيدِ بعضُهم معَ بعضٍ .. ولمَّا هذا لم يَكُن، ولم يحصل شيءٌ مِنه، وهو بخلافِ الواقعِ المشَاهَد؛ كان ذلك دَليلاً قاطعاً على أن لهذا الكَونِ كله خالِقاً واحِداً، وإلهاً واحِداً، ومَعبُوداً واحِداً يَستحقُّ أن يُعبَد، [ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ]المؤمنون:91. تَعالى اللهُ، وتنزَّه عمَّا يَصفه المشركُون؛ بأن له شَريكٌ في الخلْقِ، والملْكِ، والعِبادَةِ؛ تُصرَف إليه العبَادَةُ معَ اللهِ، أو مِن دُونِ الله!
الكِبْرُ؛ رَدُّ الحَقِّ، والتَّعَالِي على الخَلْقِ .. مَن كانَ في قَلبِه مِثقَالُ ذَرَّةٍ مِن هذا المعنَى لَا يَدخُلُ الجنَّةَ، كما في الحَدِيثِ الصَّحِيح.
أرض العراق الآن؛ أرض خيانة، وغدر .. أرجو من السيد الرئيس أحمد الشرع أن لا يستجيب لدعوتهم بحضور القمة العربية في بغداد .. وأن ينيب عنه من يفي بهذا الغرض!